حاجة الناس إلى المعاهد العلمية
فوجود مثل هذه المعاهد في كل مدينة، وفي كل بلدة ضرورة من ضرورات الحياة الإيمانية والحياة العلمية، كما أن الانتساب إلى هذه المعاهد انتساباً علمياً بالانتظام والدراسة فيها هو خير كبير، وكذلك الانتساب إليها بالإفادة مما يكون فيها من خير وعلم ومحاضرات وندوات، فهذا أيضاً ينبغي ألَّا يفوت كل محب للخير من أهل الخير ممن يريدون ذكر الله ويحبون الله ورسوله، ويريدون الله والدار الآخرة.
فالحمد لله الذي هيأها ويسرها، وجعل فيها مثل هؤلاء الأساتذة الفضلاء.
وإن مما يُغبط عليه الإخوة القائمون على هذا المعهد وهذا المركز أنهم في هذه العطلة التي يتطلع المدرسون -جميعاً- في كل مكان إلى أن يتمتعوا بها، وأن يقضوها مع الأهل والأحباب، وأن يسافروا إلى حيث يشاءون، ولكن مع ذلك نجد هؤلاء الإخوة الكرام يضحون بالوقت، وبالجهد، ويضحون بالراحة؛ في سبيل إفادة الطلاب، والحفاظ على أوقاتهم.
وإنه لمن الأسف الشديد أنه قد راج عند الناس وانتشر أن العطلة معناها تعطيل جميع الواجبات، وأن الإجازة معناها التخلي عن كل ما يجب على الإنسان في أوقات الدراسة، وهذا مفهوم خاطئ لا ندري كيف جاءنا وكيف رسخ، وإنما كان المقصود من العطلة الاستجمام من الدراسة، وبسبب ظروف الحر الشديد في فصل الصيف، ولا سيما في المدن فلا تفهم على أنها تعطيل وإجازة من الواجبات ومن الأعمال وإضاعة لأوقات الشباب في اللهو واللعب...!
حتى إن بعض الناس أخذ يُفكر كيف نفتح مجالات لقتل الوقت وقتل الفراغ! والإفادة من هذه العطلة أو استغلالها في أي شيء، وإن لم يكن مفيداً في الحقيقة، فأصبحت العطلة بذلك مشكلة بينما كانت حلاً.
جاء هؤلاء الإخوة بارك الله فيهم وأحسن إليهم في المراكز الصيفية -في المعاهد العلمية وفي غيرها- جاءوا ليعيدوا المفهوم إلى حقيقته، وليصححوا النظرة إلى الأمور، وليجمعوا شمل هؤلاء الطلاب في مثل هذه المراكز، لتحتضنهم وتوجههم وتربيهم، بل هي فرصة لا تعوض؛ من جهة أن المدرس في أثناء الدراسة المنهجية لا يستطيع أن يُعطي الطلاب مثل ما يعطيهم مثل هذا المركز.